إلغاء شعيرة عيد الأضحى في المغرب: أزمة اقتصادية أم فشل حكومي؟

الجديدة بريس – خليد اليوسي
في قرار غير مسبوق، أعلن الملك محمد السادس نصره الله إلغاء شعيرة عيد الأضحى لهذا العام، وهو ما أثار جدلا واسعا حول أبعاده الاقتصادية والاجتماعية. ورغم أن بعض الجهات تربط القرار بتأثيرات الجفاف، إلا أن العديد من المحللين يرون أن الأزمة أعمق من ذلك، وتعكس اختلالات هيكلية في السياسات الفلاحية والاقتصادية للبلاد.
* اختلالات في توزيع الإنتاج الزراعي
يعد المغرب من كبار مصدري المنتجات الفلاحية إلى الأسواق الأوروبية والدولية، حيث بلغت صادراته الزراعية أرقاما قياسية في السنوات الأخيرة. ومع ذلك، يعاني المواطن المغربي من ارتفاع غير مسبوق في أسعار المواد الغذائية، خاصة اللحوم والخضروات، مما يطرح تساؤلات حول أولويات الحكومة في توزيع الإنتاج. كيف يمكن لدولة تعاني من أزمة موارد أن تغرق الأسواق الخارجية بمنتجاتها، بينما يعجز مواطنوها عن تأمين حاجياتهم الأساسية؟
*تراجع الثروة الحيوانية وارتفاع الأسعار
جاء إلغاء شعيرة عيد الأضحى في سياق تراجع كبير في أعداد القطيع الوطني، نتيجة لغياب سياسات حكومية ناجعة لدعم المربين والفلاحين الصغار. فقد فشلت التدابير الحكومية في توفير الأعلاف المدعمة بفعالية، كما لم يتم الاستثمار بالشكل المطلوب في البنية التحتية الفلاحية والمائية، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الماشية بشكل غير مسبوق.
*الاستيراد كحل مؤقت: غياب التخطيط الاستراتيجي
بدلا من تعزيز الإنتاج المحلي، وجدت الحكومة نفسها مضطرة إلى اللجوء لاستيراد اللحوم من دول بعيدة مثل البرازيل وأستراليا، ما يعكس غياب رؤية استراتيجية واضحة لتحقيق الاكتفاء الذاتي. ورغم أن هذا الحل قد يخفف من حدة الأزمة على المدى القصير، إلا أنه يزيد من هشاشة الاقتصاد الوطني، ويعمق تبعية المغرب للأسواق الخارجية.
*إخفاق في تنزيل التوجيهات الملكية
لطالما دعا الملك محمد السادس نصره الله إلى تبني سياسات فلاحية مستدامة تضمن الأمن الغذائي وتحمي القدرة الشرائية للمغاربة، إلا أن الحكومات المتعاقبة لم تنجح في تحويل هذه التوجيهات إلى استراتيجيات عملية ناجعة. وبدلا من تحقيق التوازن بين متطلبات التصدير واحتياجات السوق المحلي، استمرت الأزمة في التفاقم، مما أثر بشكل مباشر على المواطنين، خاصة الطبقات الفقيرة والمتوسطة.
*إلغاء الأضحية: مؤشر على أزمة أعمق
لا يمكن النظر إلى قرار إلغاء عيد الأضحى بمعزل عن المشهد الاقتصادي العام، فهو ليس مجرد استجابة لظرف طارئ، بل يعكس أزمة هيكلية تهدد الأمن الغذائي للمغاربة. وحين تعجز الحكومة عن ضمان الحد الأدنى من القدرة الشرائية للمواطنين، فإن الحديث عن التنمية المستدامة يبقى مجرد شعارات غير قابلة للتنفيذ.
*هل يكون القرار نقطة تحول؟
إلغاء شعيرة دينية بحجم عيد الأضحى يجب أن يدفع الحكومة إلى إعادة النظر في سياساتها الفلاحية والاقتصادية. فالمغرب يمتلك من الموارد والإمكانات ما يكفي لتحقيق الاكتفاء الذاتي، لكن غياب التخطيط وسوء التدبير جعلا المواطنين يدفعون ثمن قرارات خاطئة لم يكونوا طرفا فيها. فهل يكون هذا القرار بمثابة جرس إنذار لإصلاحات جذرية، أم أنه مجرد حل ظرفي لن يغير من الواقع شيئا؟