” الدرس الحديثي في المغرب: المعالم والأعــــلام ”
دورة فضيلة المستشارالأستاذ الدكتورفاروق حمادة
ورقة علمية:حفيــــظ لحمامصــــي
ليس يخفى على الباحثين في تاريخ العلوم ببلاد المغرب الانخراط المبكر لهذا القطر في إنتاج المعرفة و المشاركة في شتى الفنون و التخصصات بكيفية نوعية، أثمرت – بشهادة النقاد و الدارسين – إضافات علمية قيمة، و فتقت مشاريع معرفية كبرى، منبثقة عن أفكار و رؤى و مناهج في غاية النفاسة والتميز و الأهمية، كان لها – بلا شك – تأثير واضح على حركة البحث العلمي عموما بتوجيه بوصلته أحيانا نحو وجهات محددة، أو التنبيه على أمور كثيرة، تدل على أن سقف الأهداف لدى علماء المغرب كان عاليا، و أنهم لم يكونوا يقنعون في الغالب الأعم إلا بالإضافة القوية و الإثراء الجيد و المتميز .
ولم يكن علم الحديث في المغرب بعدوتيه إلا واحدا من هذه العلوم التي نحا فيها على نفس هذا العلم أعلاموأقطاب عظام، كان لهم فيه إبداع رائع وريادة متفردة في مجالي الرواية والدراية على حد سواء، من أمثال عبد الله بن إبراهيم الأصيلي ( ت 392 ه) وبقي بن مخلد (ت 276 ه )وابن حزم (ت 456 ه) وأبي الوليد الباجي (ت474ه) وأبي علي الجياني (ت 498 ه) والقاضي عياض ( ت 544 ه) وابن بشكوال (ت 578 ه ) وعبدالحق الإشبيلي (ت 581 ه ) وابن القطان الفاسي ( ت 628 ه) وابن رشيد السبتي ( ت 721 ه ) وصولا إلى آلالفاسي ومن تلاهم.
أجل لقد استطاع هؤلاء و غيرهم – ممن لم يذكر – أن يفرغوا نتاج طاقاتهم المتوقدة فيما ألّفوه و صنّفوه، حتى نال كل فرع من فروع علم الحديث حظه من التألق و الإبداع، فتحولت بذلك أبحاثهم و دراساتهم إلى معالم بارزة في تاريخ هذا العلم الشريف، فرضت نفسها في ساحة الدرس، و اعترف لها أهل الاختصاص بالقوة و الأصالة، و ضرورة الاستمداد و الإفادة، و من الأمثلة على ذلك قول القاضي عياض في مسألة ضبط الكتب: ” و الناس مختلفون في إتقان هذا الباب اختلافا يتباين، و لأهل الأندلس فيه يد ليست لغيرهم “.
و بنفس التنويه تحدّث الحافظ العراقي عن بعض اصطلاحات المغاربة فقال: ” و هذا الاصطلاح لا يعرفه أهل المشرق، و لم يذكره الخطيب في ” الجامع ” و لا في ” الكفاية “، و هو اصطلاح لأهل المغرب “.
و قال شمس الدين الراعي الأندلسي ( ت 853 ه) متحدثا عن منهجهم بشكل عام: ” فالمغاربة أكثر حزما من المشارقة، و أشد اتباعا، و أصح نظرا “.
ثم ما فتئ هذا التألق أن عاود الظهور من جديد في العصر الحاضر، بعد فترة عمت أقطار العالم الإسلاميبرمته، يحمل رايته أعلام كبار، منهم الشيخ أبو إسحاق التادلي الرباطي(ت 1311 ه)، وسيدي العربي السايح (ت1309 ه )، والشيخ أحمد بن موسى السلوي (ت 1328 ه)، ثم جاء بعدهم الشيخ المحدث الحافظ أبو شعيب الدكالي(ت 1356 ه )، وسيدي المدني بن الحسني (ت 1378 ه )، والشيخ محمد بن عبد السلام الروندة (ت1328 ه )، وغيرهم كثير، وفي بعض الأحيان بزع نجم جماعةمن الأعلام ينتمون إلى أسرة واحدة كآل الكتاني وآل الصديق وآل بن سودة وآل ابن الحاج السلمي وغيرهم في ظاهرة مثيرة تحتاج إلى تحليل ودراسة.
ثم واصل علم الحديث مسيرته المباركة في رحاب الجامعات والمعاهد العلمية في سائر ربوع هذا البلد الذياختار أن يجعل لهذاالمجال الشريف بإزاء ذلك دار مستقلة هي ” دار الحديث الحسنية ” بهدف وضع الأسس المتينةوالقوية لدراسة علوم السنة النبوية، وتأطير الأبحاث فيها تأطيرا عالي الدقة، استشرافا لمستقبل مشرق في هذا الباب رجاء أن يختص المغرب بحمل لوائه.
وقد تخرج من هذه المؤسسة العتيدة باحثون كثر، تفاوتوا – طبقا لسنة الله في خلقه – في القدرات والمواهب،وفي العطاءات والفوائد، فكان منهم من هو ألمعي نجيب، وكان منهم غير ذلك، وكان من أبرز الألمعيين الذي يحق لهذهالدار أن تتشرف بهم فضيلة الدكتور فاروق حمادة حفظه الله، المعروف بأبحاثه القيّمة، ودراساته المتميزة،وإصداراته المهمة، التي رغم كثرتها وتنوعها ظلت تمتح دائما من معين السنة النبوية، وترتوي من مددها وفيوضاتهاالثرية.
واعتبارا لحجم الفائدة التي تزخر بها مؤلفات الأستاذ فاروق، والعدد الهائل من طلبته الدارسين عليهوالمستفيدين من درره وثمرات فكره – وخاصة الذين تتلمذوا له بشعبة الدراسات الإسلامية – فإن مقتضيات هذاالعلم ومبدأ تطويره والارتقاء به يوجبان العكوف على تراثه والاعتناء بكل إصداراته دراسة ونظرا وتحليلا.
وبناء على كل هذه الاعتبارات ارتأى مختبر ” الدراسات الإسلامية والتنمية المجتمعية ” التابع لشعبة الدراسات الإسلامية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة شعيب الدكالي بالجديدة تخصيص دورة لبحث موضوع ” الدرسالحديثي في المغربالمعالم والأعلام ” وأن يخص فضيلة المستشار الأستاذ الدكتور فاروق حمادة بالتكريم اللائق به، مغتمنا هذه الفرصة لقراءة إنتاجه وتحليل افكاره وتقويم عطاءاته، بغية الاشتغال في ضوئها في سياق العمل على تقويةالانتاج الجاد والمفيد في هذا العلم الشريف بهذا القطر العزيز.
هذا وسيشتمل برنامج هذا اليوم المبارك – بعد الجلسة الافتتاحية – على جملة من المحاور والفعاليات علىالشكل الآتي:
– المحور الأول: فعاليات التكريم لجناب الأستاذ الدكتور فاروق حمادة حفظه الله، وتتضمن كلمة فضيلته، وبعدها شهادات في حقه، ثم حفل التكريم.
– المحور الثاني: قراءات في مؤلفات الأستاذ الدكتور فاروق حمادة.
– المحور الثالث: الدرس الحديثي في المغرب: المعالم والأعلام.
* ملاحظات:
– تجرى فعاليات هذا الملتقى العلمي برحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة يوم 2 مارس 2017.
– يرجى أن تكون العروض المقدمة مكتوبة حتى يتسنى تعميم الاستفادة منها في الندوة ويتيسر طبعها بعده.
– نظرا لكثرة العروض المقدمة فإن مدة تقديم العرض لن تتجاوز 15 دقيقة.
للاستفسار المرجو الاتصال ب : 0661888791mawhoubem@gmail.com