تربية وتعليم

عبقرية الجماعات.. نقل التلاميذ بدل نقل المدارس

الجديدة بريس –  بقلم ناسك بشير

حادثة وزان المؤلمة، حيث انقلبت سيارة للنقل المدرسي تقل أكثر من 40 تلميذًا، ليست سوى مرآة عاكسة لواقع مؤلم تعيشه مناطق كثيرة في المغرب، حيث أصبح النقل المدرسي بديلاً عن بناء المدارس، وكأن الحلول المؤقتة قدرٌ دائم.

في جماعتي مولاي عبد الله والحوزية و غيرها من الجماعات بإقليم الجديدة، وُلدت فكرة “عبقرية” تستحق جائزة في اللامعقول: نقل المئات من التلاميذ يوميًا من طرق مهترئة قريبة من دواويرهم إلى مدينة الجديدة، على مسافة تفوق ثلاثين كيلومترًا
فبدل أن تبنى مدرسة في كل دوار، تقتنى أساطيل من الحافلات، وتصرف الملايين على البنزين والصيانة والسائقين، في مشهد أقرب إلى الكوميديا السوداء.

إنها ميزانيات ضخمة كان بالإمكان أن تبني بها الجماعات مؤسسات تربوية مجهزة تليق بأبناء الفقراء، عوض حرقها حرفيًا في البنزين على طرق محفوفة بالمخاطر.
أي منطق هذا الذي يرى في النقل اليومي للتلاميذ “مشروعًا اجتماعيًا” بينما هو في الحقيقة تعب يومي واستنزاف لأجسادهم وأعمارهم

منذ السادسة صباحًا، يصعد الصغار إلى الحافلات بعيون نصف نائمة وبطون فارغة، ليعودوا مع غروب الشمس منهكين، جائعين، بلا طاقة ولا تركيز. أليس هذا شكلًا جديدًا من أشكال الحرمان؟
كأننا نعلمهم أن الطريق إلى المدرسة أطول من طريق المستقبل نفسه.

كفى ترقيعًا باسم التنمية، وكفى استهتارًا بأحلام الأطفال. فبناء مدرسة واحدة في كل دوار، أكثر نفعًا وإنسانية من ألف حافلة تلتهم الميزانيات وتحرق البنزين وتطفئ الأمل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى